البهنسا هي إحدى أشهر المناطق الأثرية في محافظة المنيا بجمهورية مصر العربية وتعد من أجمل القرى المصرية
وتقع القرية على بعد 16 كيلو متر من مركز بني مزار ناحية الغرب.
وهى مدينة أثرية قديمة ،عثر فيها على الكثير من البرديات التي ترجع إلى العصر اليوناني الروماني. وعنها يقول المؤرخون العرب إنها كانت عند فتح مصر مدينة كبيرة حصينة الأسوار لها أربعة أبواب ولكل باب ثلاثة أبراج، وإنها كانت تحوى الكثير من الكنائس والقصور. وقد ازدهرت في العصر الإسلامي، وكانت تصنع بها أنواع فاخرة من النسيج الموشى بالذهب. وتحتوي مدينة البهنسا على آثار من مختلف العصور التي مر بها التاريخ المصري حيث تشتمل هذه القرية على الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية حتى آثار التاريخ الحديث متواجدة متمثلة في المباني والقصور التي يرجع عمرها إلى أكثر من مائة عام.
كانت هذه البلدة ذات أسوار عالية وحكمها حاكم روماني جبار يسمى البطليموس وكانت له فتاة ذات حسن وجمال، ومن شدة جمالها أطلق عليها بهاء النسا ومن هنا سميت البلدة بـ " البهنسا " ومن المعالم التاريخية الموجودة فيها شجـرة مـريم (عليها السلام)، وسميت كذلك لأنه يقال أن مريم العذراء جلست تحتها والمسيح عيسى بن مريم ويوسف النجار (عليهم السلام)، عندما كانوا في رحلة إلى صعيد مصر.
مدينة الشهداء
وقد شهدت البهنسا صفحات مجيدة من تاريخ الفتح الإسلامي لمصر ،حيث يُطلق عليها مدينة الشهداء لكثرة من اسُتشهد فيها خلال الفتح الإسلامي ففي عام «22 هجرية» أرسل «عمرو بن العاص» جيشا لفتح الصعيد بقيادة «قيس بن الحارث» وعندما وصل إلي البهنسا، كانت ذات أسوار منيعة وأبواب حصينة، كما أن حاميتها الرومانية قاومت جيش المسلمين بشدة، مما أدي إلي سقوط عدد كبير من الشهداء المسلمين، وهو ما كان سببا في قدسية المدينة داخل نفوس أهلها الذين أطلقوا عليها «مدينة الشهداء» تبركًا والتماسًا للكرامات، وفي البهنسا غربا بجوار مسجد « علي الجمام » تقع جبانة المسلمين التي يوجد فيها وحولها عدد كبير من القباب والأضرحة التي تنسب للصحابة والتابعين والعلماء الذين زاروا المدينة ومقابر (مقامات) لشهداء الجيش الإسلامي الذين شاركوا في فتح مصر واستشهدوا على هذه الأرض خلال حملتهم في فتح الصعيد المصري، ويفخر أهلها اليوم بهذه القرية لاحتواء ترابها على أجساد هؤلاء الشهداء من الصحابة، بل والبدريين منهم (أي من حضروا بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم)، ومن هؤلاء الشهداء :
"أمير السرية الصحابي الشهيد، وحفيد الحارث عم الرسول زياد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي القرشي
"سليمان بن خالد بن الوليد المخزومي القرشي
"محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق التيمي القرشي
"الحسن الصالح بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي
"محمد بن أبي ذر الغفاري الكناني
"محمد بن عقبة بن نافع الفهري القرشي
صاغر بن فرقد/
عبد الله بن سعيد/
عبد الله بن حرملة/
عبد الله بن النعمان/
عبد الرزاق الأنصاري/
عبد الرحيم اللخمي/
أبو حذيفة اليماني/
أبو سلمة الثقفي/
أبو زياد اليربوعي التميمي/
أبو سليمان الداراني/
ابن أبي دجانة الأنصاري/
أبو العلاء الحضرمي/
أبو كلثوم الخزاعي/
أبو مسعود الثقفي/
هاشم بن نوفل القرشي/
عمارة بن عبد الدار الزهري القرشي/
مالك بن الحرث/
أبو سراقة الجهني/
عبيدة بن عبادة بن الصامت/
جعفر بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي القرشي
علي بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي القرشي
خولة بنت الأزور/
السبع تابعيات الشهيدات (السبع بنات)
القاضي الكبير علي الجمام قاضي قضاة البهنسا وإمام المالكية في عصره.
وقديماً كانت البهنسا مليئة بالكنائس ولكن مع مرور الأيام تلاشت هذه الكنائس ولم يتبق منها سوى جدران خاوية ومن المعالم التاريخية الإسلامية : مسجد القاضي علي الجمام وقد تم بناؤه حديثاً (وليس أثرياً) بجوار ضريح الشيخ علي الجمام وقد صمم وفق الطراز الإسلامي بطابع أندلسي، وتحتوي القرية أيضا على مسجد ومقام الحسن الصالح بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أي حفيد رسول الله محمّد (صلى الله عليه وسلم) وهو يعتبر من أقدم المساجد في القرية بل في مصر فهو أقدم من الأزهر الشريف إذ يزهو عمره على الألف والمائتي سنة (أكثر من 1200 سنة)
التسمية
اسمها تصحيف للفظ مصري قديم "بمادا" وهناك رأي آخر بأن اسمها في اللغة المصرية "برمزت" (permezet) أو "پـرمجيد" أي (الصولجانات الذهبية) (The pure scepter)، وبالقبطية "بنجه"، وفي العصر اليوناني كان اسمها أوكسيرنخوس وتعنى كلمة "أوكسيرنيخوس"؛ سمك المزدة ذا الفم الطويل المدبب سماها الأقباط في اللغة المصرية الحديثة (القبطية) باسم (پـيمدجيه) (pemdje)، وكتبت في الوثائق المصرية المكتوبة باللغة اليونانية باسم أوكسيرنخوس وأيضًا باسم (نيوستيموپـوليس) وهو اسم لم يستعمل بشكل جدي لا في الوثائق ولا من قِبَلْ الناس في الحياة اليومية، وعُرِفَتْ أخيرًا في اللغة العربية باسم قرية البَهْنَسَا وهى القرية التي بنيت على أجزاء من المدينة الأصلية.
العصر الفرعوني
اسمها تصحيف للفظ مصري قديم "بمادا" وكانت قديماً عاصمة الإقليم التاسع عشر من أقاليم الصعيد، ومركزًا لتقديس المعبود "ست". وهناك رأي آخر بأن اسمها في اللغة المصرية "برمزت" (permezet) أو "پـرمجيد" أي (الصولجانات الذهبية) (The pure scepter)، وبالقبطية "بنجه".
وكانت أوكسيرنخوس مركزًا دينيًا مهمًا وقبل دخول اليونانيين لمصر كانت المدينة قائمة وكاملة لموقعها الاستراتيجي ؛ لأنها تقع على أقصر الطرق المؤدية من وادي النيل إلى الواحة من الشمال إلى واحة الفيوم. هذه المدينة بالإضافة إلى مكان عبادة (ست)، المعبد الذي كان أكثر نشاطًا في وقت رمسيس الثالث (حوالي 1184 - 1153 قبل الميلاد) الإله (ست) في الحقيقة على الرغم من خصائصه الغير ودية حيث أنه كان إله الزوابع والبرق والرعد والعنف وعدد من الصفات السيئة الأخرى إلا أن المصريين اعتبروه الإله الحامي للإقليم وكان يوم ميلاد الإله كان يوم عيد في المنطقة. وفي أسطورة حورس في إدفو كانت أوكسيرينخوس مسرحاً لمعركة بين ست وحورس، حيث فقد ست ساقه. واليونانيون الذين أطلقوا اسم أوكسيرنخوس على المدينة والإقليم الذي يحمل نفس الاسم حسب نوع من السمك المدبب الأنف.
أطلت نشأة البَهْنَسَا من بوابات الأسطورة التي تقول : إن إيزيس ذهبت للبحث عن أجزاء جسد أوزوريس زوجها الذي قتلته ست ومزق جسده وألقى الأشلاء في كل مقاطعات مصر ووِجِدَتْ كل ال - 14 أو 16 قطعة، فيما عدا عضوه التناسلي الذي ابتلعته ثلاثة أسماك من بينهم سمكة مورميريد أي السمكة ذات الأنف المدببة.
العصر اليوناني الروماني
وفي العصر اليوناني كان اسمها أوكسيرنخوس، وكانت قاعدة ولاية (nome) وهى ولاية "أوكسيرنيخيتس)، وتعنى كلمة "أوكسيرنيخوس" ؛ سمك المزدة ذا الفم الطويل المدبب، الذي كان مقدسًا ويعبده أهالي تلك الولاية، وكانت البَهْنَسَا مدينة مزدهرة، ومشهورة بكنائسها وأديارها العديدة في العصر البيزنطي،
البهنسا في كتب اليونان والرومان
وقد ذُكرت ولاية أوكسيرنيخيتس، وقاعدتها "أوكسيرنيخوس"، في أعمال كل من سترابون (حوالي 64 ق. م) وبلينى (ولد 28 م) وبطليموس (ت 161 م).
العصر الإسلامي
كانت موضعاً حصينًا سميك الأسوار في بداية العهد الإسلامي، ويبدو أن الحامية البيزنطية إلى جانب الأقباط ومن حضر من البجة والسودان لمساندتهم قد ابدوا شجاعة فائقة في الدفاع عنها، وأبدى المسلمون إصرارًا على فتح المدينة التي كانت بمثابة مفتاح الطريق إلى الصعيد كله، وظل الناس يذكرون ذلك طويلا، وكانت الأحاديث التي رواها الصحابة الذين حضروا الفتح نواة قصة فتوح البَهْنَسَا التي تنامت عبر العصور، وظلت تُروى عبر العصور وما زالت تروى حتى عهد قريب.
البهنسا في كتب المسلمين والعرب
وكانت البَهْنَسَا في مبدأ الأمر قصبة كورة فنعمت بالرخاء وأطلق اسم البَهْنَسَا على عمل في عهد إعادة التنظيم الإداري الذي نفذ بناءً على أمر الوزير الفاطمي بدر الدين الجمالي في نهاية القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي).
وقد ذكر ابن دقماق في كتابه "الانتصار لواسطة عقد الأمصار" كورة البَهْنَسَا ضمن كور الوجه القبلي، والتي كان عددها اثنتين وعشرين كورة تجمعها عشرة أعمال من بينها "عمل البَهْنَسَائية" .
وقد كانت البَهْنَسَا كشوفية في عهد المماليك، وكان يتولاها كاشف، ويؤيد هذا النص الذي ورد في كتاب "بدائع الزهور" لإبن إياس الحنفي : "وفي ربيع الآخر خلع السلطان على الجمالي يوسف بن الزرازيري كاشف البَهْنَسَا وقرره في الوزارة عوضاً عن خوش قدم الطواشي بحكم صرفه عنها "، ويضيف : " الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الخازن ولي الكشف بالبَهْنَسَا بالوجه القبلي ثم ولي القاهرة وشد الجهات وأقام عدة سنين
ويؤكد ذلك قول ابن تغري بردي في كتابه حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور : " في يوم الاثنين رابعه وصلت رؤوس الناس من العرب العاصين أرسل بها كاشف البَهْنَسَاوية"
وفي تاريخ الجبرتي : " وفي سابعه حضر شاهين بك.. وأعطاه الباشا إقليم الفيوم بتمامه التزاما وكشوفية وأطلق له فيها التصرف وأنعم عليه أيضا بثلاثين بلدة من إقليم البهنسا مع وكشوفيتها" .
ويأتي ابن حوقل في القرن (4 هـ/ 10 م) على رأس من ذكروها كموقع وتاريخ حين قال : "والفرفرون قرية ذات قصور.. وبالفرفرون والبَهْنَسَا قصران لآل عبدون يليهما مساكن القلمون.. وبالبهنسة وبيخيط وبيريس قرى ظاهرة وباطنة". وفي هذا ما يشير إلى ما كان بالمدينة في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي من أبنية وقصور
وكذلك فقد ذكرت فيما قيل تعليقًا على ما أشار إليه المسبحي في القرنين (4 ـ5 هـ/10 ـ11 م)"بأنها تقع إلى الغرب من قرية القيس" ، "وبين بهنسة مصر والقيس وبهنسة ألواح أربع مراحل "
ويضيف المقريزي : "اعلم أن القيس من البلاد التي تجاور مدينة البَهْنَسَا" ، وكان يقال : القيس والبَهْنَسَا.
وفي هذا ما يُشير إلى تأثير كل مركز من هذين المركزين المتجاورين على الآخر في مجال الصناعة التي اشتهر بها كل منهما
وقد زار ابن بطوطة البَهْنَسَا ووصفها بقوله : ". ثم سافرت منها (يقصد مدينة ببا) إلى مدينة البَهْنَسَا، وهي مدينة كبيرة وبساتينها كثيرة، وضبط اسمها بفتح الموحدة وإسكان الهاء وفتح النون والسين وتصنع بهذه المدينة ثياب الصوف الجيدة. "
وفي تلك الإشارة العابرة نجد أنه لم يعط البَهْنَسَا صفة المدينة فقط وإنما وصفها بالكبيرة ذات البساتين الكثيرة فاختلف بذلك مع المسبحي قبله واتفق فيه مع ما ذكره المقريزي بعده في القرن (9 هـ/15 م)
حيث وصفها المقريزي بالمدينة وجعلها في جهة الغرب من النيل : " هذه المدينة في جهة الغرب من النيل بها تعمل الستور البهنسية".
ويذكرها المقدسي في أحسن التقاسيم : " ويصنع ببهنسة الستور والأنماط، والكتان الرفيع مزارعه ببوصير.
أما ما قيل تعليقًا على إشارة ابن ظهيرة إليها في القرن (10 هـ/16 م) فمؤداها أنها - كما قال المقريزي - في جهة الغرب من النيل بالصعيد الأدنى يضاف إليها كورة فيقال "كورة البَهْنَسَا "
ويذكرها اليعقوبي بقوله : " وكانت مملكة القبط أرض مصر من كور الصعيد : منف، ووسيم، والشرقية، والقيس، والبَهْنَسَا، وأهناس" ،
البهنسا في العصر الحديث
في سنة (1245 هـ/1830 م) ضمت بلاد مركزي المنيا وأبو قرقاص تحت اسم "مأمورية الأقاليم الوسطى" فأصبحت البَهْنَسَا بذلك قرية من قرى مصر تابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا.
ثم جاء على باشا مبارك في القرن (13 هـ/19 م) فزاد معرفتنا عن هذه المدينة حين قال : "إنها بلدة مشهورة بالصعيد الأوسط بين منية ابن خصيب وبني سويف إلى جهة الغرب من النيل، كان يقال لها بمج أو بمجة وهى كلمة قبطية تستعمل مفردة مضافة إلى كلمة اكسيرانيكوس وقد خلفتها القرية الموجودة الآن باسمها على الشاطئ الغربي من بحر يوسف من بلاد مديرية المنية بقسم الجرنوس " ، وفي تفسير آخر يقول صاحب القاموس الجغرافي أن اسمها القبطي (pemze) وأن حرفا (dj) في اللغة القبطية ينطقان بالعربية سينا أو صاداً فيقال : "بمسية" ومنه اسمها العربي البَهْنَسَا، وفي دفتر تعداد (تاريخ) سنة 1936 هـ"سميت بالبَهْنَسَا الغربية لوقوعها على الجانب الغربي لبحر يوسف تجاه صندفا وأصبحت الفشن قاعدة لولاية البَهْنَسَا "
ثم زاد على مبارك في القرن 13 هـ / 19 م) على كل ذلك بقوله : "أن المدينة وقت فتح المسلمين بلاد مصر : "كانت عالية الجدران حصينة الأسوار وكان بها أبواب أربعة إلى الجهات الأربعة" . ويصف الإدريسي البَهْنَسَا بقوله : "البَهْنَسَا مدينة عامرة بالناس، جامعة لأمم شتى